شظايا مكسورة من فلسطين

Ahmed Farajallah

الموضوع: إناء أو إبريق. المادة: الفخار. عُثر عليه في غوروب، مصر
 
تم استخراج هذه المزهرية الصغيرة في مصر ويعود تاريخها إلى المملكة الجديدة (حوالي 1500-1200 قبل الميلاد)، ولكن أسلوبها يشير إلى أنها مستوردة من سوريا وفلسطين. وقد ظلت اليوم غير مكتملة. نجا قسمان كبيران تم ضمهما معًا، ولكن فُقدت منه قطعتان أصغر

تمثل القطعة الفنية التي ابتكرتها رحلة عائلتي ورحلة الشيء الذي اخترته. لقد استخدمت قصيدة كتبتها والدتي عندما وصلت إلى المملكة المتحدة جنبًا إلى جنب مع محاولة تكرار موضوع المزهرية باستخدام الطين لإظهار واقعيتها وجعلها واقعية مثل القطعة الأصلية. بعد أن جف الطين وتصلب، مضيت قدمًا في تكسير المزهرية إلى شظايا أصغر من أجل تمثيل الصورة الأكبر. وتتضح الصورة الأكبر في أن كل جزء مكسور من تلك المزهرية يشبه كل قطعة مكسورة مني متروكة في كل بلد هاجرت إليه. وعلى غرار رحلة الشيء، في كل بلد سافر الشيء منه وإليه، بدا الأمر كما لو أنه ترك ذاكرة أو نقشًا وفُقدت قطعة صغيرة من التاريخ في الطريق

نين

هي أمي، من دمي ولحمي 

من منعها عني 

أألوم الحاكم العسكري 

الذي ضيق علي حياتي 

فتركت هويتي خلفي 

وخرجت أبحث عن معيشتي 

أألوم الخوف والفقر والحرب 

أم ألوم نفسي 

نفسي التي بدلت موطنها بحي آمن 

لا تسمع فيه قذائف ولا تتجول دبابات 

لا منع تجول ولا معابر 

لا بطاقات ممغنطة، لا قنابل

لا طائرات مستطلعة أو محاربة

لا منشورات تسقط من السماء

وتحذيرات, وإنذارات إخلاءات 

لا قمع، لا قهر، لا إهانة

لا تحطيم كرامة 

في حي هادئ سكنت 

أخرج صباحا إلى عملي 

أعود الظهر إلى منزلي 

في حيي الهادئ، أصلي في مسجدي

أجلس مع أولادي 

اتابع دروسهم، أتسوق لهم 

وفي آخر الأسبوع أخرج معهم 

للبحر أو الحدائق أو الجبال

لاقصف لا خوف

لا تهشيم لا دمار 

أؤدي عملي المسالم

في الحي المسالم 

لا أشتغل بالسياسة 

لا أتحدث بها

لكني أقرأ ما أشاء 

أتابع الصحف، أشترك في المجلات

واقرأ وطني في العناوين

اتابع أخباره على الشاشات

قبل الانترنت وقبل الفضائيات

نعيش على القليل الذي يصلنا منه 

كل العالم حولي كان يحترمه، يصفق له

وأنا افخر بفلسطينيتي 

حتى وإن تركت الهوية الخضراء خلفي 

أفخر أني ابن أرضي 

مشغول ممتلئ يومي 

وعندما يحل وقت نومي، 

يطالعني وجه أمي 

واتقلب الليل أفكر

هل انا في مكاني الطبيعي 

هل هذا موطني او مضيفي او قدري

وبين الصيف والصيف 

اتقلب على الشوك

افكر في أمي 

أحن لأخوتي، لبيتي الطيني ثم الاسمنتي

في مرتع صباي، في شارعي، في قريتي

وإن ضاع الحقل ولم أع عليه

لكن كبار السن حدثوني عنه،

من رجال عائلتي ومن الجيران

حدثني عنه والدي وعمي وخالي 

ورايت أخدود الدموع على وجوه المسنات

فعرفت الحكايات التي لم يروينها لنا

فاكتفين بال”الغولة” و “السبع بنات على البحر مغربات”

ما لم تكتبه الأميات الفاضلات

قراته بقلبي

وما لم ينطقن به، سجلته في ذاكرتي

الصابرات المكلومات المكابرات 

سيدات السلم والحرب 

بطلات كل الأزمان

هل يسامحن من أنجبن 

هل يعذرن من جبن 

ومن استهون ومن ندم

بعد فوات الوقت، لا ينفع الندم